تجدد النقاشات المريرة يرافق إتاحة سيارات الذكاء الاصطناعي للجمهور في سان فرانسيسكو

المصدر: النهار

إذا زرت مدينة سان فرانسيسكو، فلربما فكرت في زيارة جزيرة "الكاتراز" التي احتضنت طويلاً سجناً حمل اسمها ثم تحول معلماً سياحياً. وقد تفكر في نزهة على جسر "البوابة الذهبية" الشهير فيها، أو ربما اكتفيت بجولات سياحية في شوارعها وأحيائها الجذابة. وأيّاً كانت خياراتك، فقد تميل إلى استعمال سيارة تاكسي مؤتمتة يقودها الذكاء الاصطناعي وبرامجه.

وفي تطور حديث للسيارات المؤتمتة الموضوعة في خدمة الجمهور، أعلنت شركة "ويمو" Waymo أن تطبيق طلب خدمة النقل في سياراتها ذاتية القيادة بات مفتوحًا للجميع في مدينة سان فرانسيسكو. وبسرعة، أعربت سلطة السلامة في الولايات المتحدة عن قلقها حيال تلك الخطوة، مشيرة إلى عدد من الحوادث التي أثارت تساؤلات حول مأمونية تلك المركبات.

بدأت "ويمو" التابعة لـ"غوغل" بتطوير سيارات ذاتية القيادة منذ عام 2009. في عام 2015، بدأت "غوغل" بتشغيل السيارة ذاتية القيادة على الطرق العامة. واليوم، تدير الشركة خدمات "روبو تاكسيز"، وهي سيارة ذاتية القيادة بالكامل بدون سائق، في مدينة "فينيكس بولاية أريزونا وسان فرانسيسكو. ستبدأ الخدمة قريبًا أيضاً في مدينتي "لوس أنجليس" وأوستن بولاية تكساس.

تحديات اجتماعية وقانونية

أثارت خطوة "ويمو" النقاش مجدداً حول مخاوف السلامة المرتبطة بالسيارات ذاتية القيادة. في شباط الماضي، ارتطمت إحدى مركبات "ويمو" بدراجة هوائية، وجُرِحَ سائقها.

وتجري السلطات الرسمية الأميركية تحقيقاً مع الشركة بشأن الحوادث والمخالفات المرورية، بما في ذلك الاصطدام بالأشياء الثابتة. ومع ذلك، تدعي "ويمو" أنها سجلت رقمًا قياسيًا للسلامة يبلغ 0.4 تصادماً لكل مليون ميل، مقارنةً بـ 2.78 للسيارات التي يقودها الإنسان.

وكذلك فقدت شركة "كروز" Cruise للسيارات المؤتمتة، وتتبع "جنرال موتورز" تصاريحها في سان فرانسيسكو بعد أن سحلت إحدى مركباتها أحد المشاة.

كذلك تفرض خطوة "ويمو" تساؤلات حول مدى تقبل الرأي العام هذا النوع من وسائل النقل. وقبل أسابيع، أضرم أشخاص النار في إحدى سيارات "ويمو" خلال احتفالات العام القمري الجديد في الحي الصيني في سان فرانسيسكو، في ظل تصاعد التوتر بين سكان المدينة ومشغلي المركبات الآلية.

في سياق آخر، يذكر أن القوانين كثيراً ما تتخلف عن اللحاق بركب التقنيات الناشئة. ويؤثر هذا التأخير على كيفية النظر إلى حوادث السيارات ذاتية القيادة والتعامل معها بشكل قانوني. إذ يصبح تعريف "السائق" أمراً معقداً، فمن يتحمل المسؤولية حينما تتعرض مركبة ذاتية القيادة لحادث؟ هل هو الراكب البشري، أم مطور نظام الذكاء الاصطناعي؟ أم الشركة المصنعة للسيارات؟

البعد التقني

استثمرت "غوغل" مبالغ ضخمة في تطوير أجهزة القيادة الذاتية التي تشمل أدوات استشعار ونظام رؤية يعتمد على أجهزة استشعار للمراقبة بـ360 درجة حول السيارة، وأجهزة استشعار للكشف عن الأشياء على بعد 300 متر من السيارة، ورادارات تلاحظ وجود سيارات أخرى حولها وأشياء أخرى متحركة. لتفعيل السيارة، تتوفر للمستخدم أزرار "ابدأ القيادة" و"القفل" و"إيقاف" و"مساعدة".

وتستطيع وظيفة التعلّم في الذكاء الاصطناعي للسيارة التنبؤ بمسارات المركبات الأخرى في سيناريوات المرور المعقدة. وتعتمد تلك الوظيفة على الشبكات العصبية الاصطناعية Artificial Neural Network المصممة لمحاكاة بعض أعمال الدماغ البشري، وتستطيع تمييز السيارة المؤتمتة عن كل المركبات أثناء السير، وبالتالي رسم سيناريوات لتجنب الحوادث المختلفة.

تنافس الشركات

في آذار (مارس) الماضي، حصلت "ويمو" على إذن لتشغيل المركبات ذاتية القيادة في لوس أنجليس أيضاً، بعد فترة تجريبية في شوارع تلك المدينة استمرت سنة كاملة.

في سياق مواز، تخوض شركات عدة غمار منافسة متصاعدة على تقنيات ذكية في السيارات المؤتمة، على غرار شركتي "جنرال موتورز" و"أمازون".

وكذلك تعمل شركة "آرغو إيه آي" Argo AI، المدعومة من شركتي "فولكس فاغن" و"فورد"، على تطوير تكنولوجيا القيادة الذاتية.

وفي إطار نظم القيادة الذاتية، تبرز أعمال شركة "موشن" Motionالتي تساهم في تمويلها "هيونداي" الشهيرة التي تعمل على أنظمة القيادة الذاتية، وشركة "زوكس" Zoox التي استحوذت عليها "أمازون" أخيراً. وتعمل الأخيرة على صنع سيارات كهربائية ذاتية القيادة بالكامل، وتبشر بقرب ظهور أسطول من سيارات التاكسي المؤتمت، وربما أحدثت ثورة في النقل الحضري.

وبالطبع لا ننسى "تيسلا" Tesla ونظامها "أوتوبايليت"Autopilot ، وهو نظام للقيادة آلية المؤتمتة، أُعلِن في 2013. وعلى الرغم من أن منظومة "تيسلا أوتوبايليت" لا توفر حتى الآن قيادة ذاتية بالكامل، إلا أنها تقدم مجموعة واسعة من مزايا القيادة المؤتمتة. إذ تستطيع اكتشاف العوائق وإبطاء السرعة ذاتياً، وتغيير المسار حينما يطلب منها السائق البشري ذلك، وتُدخِل تلقائية في مسارها أثناء حركة المرور، إضافة إلى القدرة على ركن نفسها بنفسها.

وعلى غرار نمط مألوف في التطور التقني المعاصر، يسير التقدم التكنولوجي بالترافق مع المنافسة والمناقشات والتحديات الاجتماعية والقانونية، ما يؤمل أنه يضمن سيطرة البشر دوماً على التكنولوجيا التي يصنعونها.

Provided by SyndiGate Media Inc. (Syndigate.info).

2024-06-29T02:14:07Z dg43tfdfdgfd